السبت، يناير 16، 2010

حفريات لغوية: "أصول" المحكيات العربية

ودائماً نعود إلى سؤال علي عن نشأة العربية والعربيات، فأنا مثل النبي في "نبي جبران" لا أتكلم إلا عندما يسألني أحدهم فأجيبه بلهجة أبوية موجِّهة ومعلِّمة. وهنا أقول بالطريقة الأبوية الكلية المعرفة: يا علي لازلت تعيد ترديد ما تعلمناه في المدرسة. وهي هذه الثنائية الحصرية التي لا فكاك منها: اللهجات المحكية مرفوضة فهي إما عربية مشوهة أو أجنبية دخيلة. دعني أعطيك خيارات أخرى. كل اللغات في العالم تتطور من ذاتها وأيضاً بتأثير الاتصال مع شعوب مجاورة، وهذه حال العربية. اللهجات المحكية هي حصيلة تطور وامتصاص وتأثر بلغات محلية أقدم وبلغات أخرى جاءت مع هجرات تالية أو نتيجة الإختلاط بين الشعوب في الإمبراطورية الإسلامية. يجب أن نضيف إلى ذلك أن عربية الفاتحين (أو المحتلين) كانت متعددة اللهجات أيضاً. العربية الفصحى ما هي إلا لغة تدوين وتجميع. وكأية لغة رسمية فإن أساسها لهجة معينة تفرض نفسها وتقتبس من لهجات أخرى بكميات متفاوتة. ثم يأتي الأدب والعلم والنحو ليجمد اللغة في قوالب وضعية صارمة تمنعها من التطور وتفصل بين ما تعتبره صيحيحاً وما تعتبره خطأ وبين ماهو مسموح وما هو ممنوع. لكن هذه اللغة باعتبارها لغة التدوين تفرض نفسها عن طريق المدارس والتعليم وعن طريق تقليد النخبة الحاكمة. وقد قرأت أن العربيات المحكية تُظهر هذين النوعين من الإحتكاك والتطور أي تقليد لغة النخبة الحاكمة ومن ثم التعليم في المدارس. وهذه الصيرورة قديمة وبدأت منذ الفتح العربي وحتى قبله (على الأقل في الشام والعراق). إذاً أعيد هذه العوامل جامعاً وملخصاً
1.
الحركة الذاتية لكل لغة أي التطور
2.
التدوين وتحويل اللغة المحكية إلى لغة مكتوبة ذات قواعد لا تتغير
3.
وجود لهجات عديدة في عربية الفاتحين
4.
التأثر باللغات المحلية
5.
الإختلاط بالشعوب الأخرى ضمن الإمبراطورية
6.
تقليد لغة النخبة الحاكمة الجديدة
7.
التعليم في المدارس والكتاتيب

قبل أن أعطيك أمثلة عن كل واحد من هذه العوامل دعني ألفت نظرك إلى نقطتين. الأولى وتتعلقب التسميات فهي ذات دلالة عظيمة. اللهجات المحكية تسمى (عامية) أي لغة العوام وهذا يعني العوام المحكومين أو العوام غير المتعلمين. ويقابلها لغة الخواص أي الخواص الحاكمين والخواص المتعلمين. وقد اندثر استخدام كلمة لغة الخواص أو الخاصة لكن هذا التعبير كان مستعملاً في العصر العباسي. أي أن النظرة المتعالية إلى لغة الحياة اليومية هي نظرة قديمة فيها الكثير من النخبوية والاحتقار. الثانية هي أن اللغات واللهجات تتأثر ببعضها وتتصارع أيضاً. خذ مثلاً الصراع بين لهجة المدينة ولهجة القرية في سوريا. أهل المدينة يسخرون من القاف التي ينطقها أهل القرية مع أنها فصيحة أكثر (إذا جاز هذا التعبير). وأهل القرية يصرون عليها إصرارهم على هويتهم المهددة بالزوال. وإذا كنت تشاهد الكوميديا السورية على الإنترنت (مثل بقعة ضوء) فسترى أن هذه البرامج تربط اللهجة الريفية بالجيش والشرطة وكأن الريف يغزو المدينة وقد تحول هذا الربف المتنوع إلى لفظ القاف أو عدمه، مع أن اللهجة الشامية أصبحت السائدة والمحكية حتى خارج دمشق فكل من يريد أن يظهر أنه متطور يحكي بالشامي. وهنا نتجاهل تماماً لهجة أهل الجزيرة ودير الزور باعتبارها "بدوية" لا تستحق الإعتبار وكذلك لهجة درعا وحوران وغيرها من المناطق. هكذا تتطور اللغات بالصراع والتعاون والتعليم والتحويل الدينيي والغزو الثقافي وكل الآليات الممكنة والمحتملة. وباعتقادي أننا قادرون على تصميم لغة المستقبل لكننا بحاجة إلى جهاز تعليم ضخم وأجهزة إعلام. وفي حال التخبط الذي فيه العرب الآن اللغة متروكة للصراعات الفئوية والسياسية والدينية والفضائيات والصحوة الدينية وللهجرة من الداخل إلى الخارج ومن الريف إلى المدينة والآن من المدينة إلى الريف مع اتساع الضواحي وانتقال الطبقات الوسطى إليها. وظهور الجامعات الخاصة بعيداً عن المدن الكبرى.

الحركة الذاتية
جمع التكسير مثال جيد على الحركة الذاتية للغات السامية. الجموع السامية القديمة كانت بالياء والميم للمذكر والألف والتاء للمؤنث. لكن العربية اخترعت الجموع المتعددة الأوزان مثل بيت بيوت وعامل عمال وهذه الأوزان تختلف من بلد إلى بلد ومن زمان إلى زمان أما الفصحى فقد احتفظت ب 16 وزن فقط وهناك أوزان تظهر يومياً . تعجبت مثلاً حين رأيت كيف يجمع أهل اليمن كلمة الزيدي على زيود وليس زيديين. وكل واحد حين ينسى جمع كلمة أو يصادف كلمة جديدة يخترع وزناً جديداً أو يستعمل واحداً من الأوزان الأخرى. خذ مثلاً كلمة بنطلون هنا بنطلونات وبناطل وبناطيل وبطّرونات. خذ مثلاً كلمة جبلية أحبها كثيراً (قلاشين) وأعتقد أن الأصل فرنسي وأهل دمشق يقولون (كلسات) وأهل حمص يستخدمونها للكلسات النسائية فقط. والمفرد (قلشين) لكن في دمشق المفرد (كلسة). واللغة السريانية اخترعت جمعاً آخر لا نزال نستخدمه فجمع مسيحي مثلاً مسيحية وأحياناً مسيحيين إذا أردنا التقرب من الفصحى.

التدوين
الخلاف بين النحويين معروف وكل يقول قالت العرب وما قالت العرب والحقيقة أن العرب الذين يتكلمون عنهم هم من قبائل مختلفة ولهم لهجات مختلفة لكن النحويين لا يعترفون إلا بشكل واحد وقاعدة واحدة. فمثلاً المستثنى بإلا منصوب وإن سمع النحويين من البدو المرفوع والمكسور لكنهم يقولون أخطأ البدوي. وكيف يخطئ البدوي وهو لا يعرف القواعد فهو يتكلم بالسليقة والسليقة أمر احتمالات أي أن 70 % من الناس يقولون كذا في 60% من الحالات. أنطر مثلاً الجمع على صيغة فعاعيل وفعاعلة. كل القواميس تعطيك جمع دجّال دجّالين. ثم يأتي الذهبي في ترجمة محمد بن إسحاق فيقول وقال الإمام مالك:(ابن اسحاق دجال من الدجاجلة) وهو الوحيد الذي جمعها على وزن فعاعلة. ثم نظر إلى السعوديين، كل جموعهم على وزن فعاعلة فجماعة قبيلة الرشيد رشايدة وجماعة قبيلة بني خالد خوالدة والأنكى من ذلك أن جمع دجال عندهم هو دجاجيل على وزن فعاعيل، وكذلك جمع رجّال رجاجيل. . وانظر إلى القرآن وما فيه من "الإختلافات القواعدية" لكنهم يجدون لها دائماً تفسيراً ملتوياً فمثلًا (تبّت يدا أبي لهب وتب وامرأتُه حمالةَ الحطب) كيف أصبحت حمالة منصوبة. يقولون التأويل يا حمالة الحطب منادى مضاف منصوب.

اللهجات العربية القديمة
هل سمعت بالكشكشة والكسكسة والتلتلة والخفض وعشرات مثلها. قبيلة تميم تقول أحبش بدل أحبك وقبيلة كذا تكسر حرف المضارعة في الفعل الثلاثي كما يفعل البدو الآن والحميريون يقولون امقمح بدل القمح. العربية الفصحى تقول نفي الماضي يكون بلم والمضارع المجزوم وكل العرب الآن ينفون الماضي بما والفعل الماضي مثل (ماكتبت) بدل (لم أكتب). فإذا نظرت في الكتب القديمة وفي القرآن لوجدت أن نفي الماضي بما كان منتشراً بكثرة تجعلك تشك في وجود لم أصلاً (طبعتً نقش النمارة دليل وجودها القديم: فلم يبلغ ملك مبلغه. لكنه ليس دليل عمومويتها) ثم هناك لغة الضاد أي العربية ولا يوجد في الوطن العربي إلا السوريين والمصريين يلفظونها ضاد وكل شمال إفريقيا والعراق والجزيرة العربية يلفظونها ظاد. وقد حضرت في فرنسا مناقشة مضحكة بين سوري وتونسي الأول يقول له العربية هي لغة الضاد والتونسي يقول نعم هي لغة الظاد فيصححه السوري قائلاً لغة الضاد ويجيب التونسي نعم لغة الظاد. والحقيقة أن حرف الظاء حرف جديد لذلك كلماته في القاموس قليلة وقد يكون قد تطور من حرفي الصاد والطاء فكثير من الكلمات العبرية مثلاً التي فيها صاد تكون بالعربية بالضاد أو الطاء أو الصاد أو الظاء وحرف الصاد عندهم تطور إلى حرف تس وكذلك في اللغة الأثيوبية. فالأخيرون يقولون متسحف للمصحف وتعني كتاب في لغتهم وكذلك في العربية لكن كتاب معين ومحدد هو القرآن

التأثر باللغات المحلية
كثير من السوريين يستخدمون الواو في الفعل الماضي لجمع المؤنث والمذكر ويستخدمون نفس ضمير الجمع (هني) وهذا آرامي سرياني أما أنت ياعلي فتستخدم هم كتبوا وهن كتبن وهذا عربي وآرامي لكن لهجة أخرى. في حمص نقول عن شاب مات حبلتاي أي وا أسفاً عليه وهذه آرامية تدمرية. الحلاوة بالطحين والسمن تسمى حلاوة بشمينا وشمينا هي آرامية سريانية لكلمة سمن العربية أي أن الحلاوة هي بالسمن. كلمات مثل صلاة (صلوت) وزكاة وتابوت وحانوت كلها سريانية وحتى القرآن احتفظ بكتابتها السريانية لكن غير لفظها فهي بالسريانية صلوت وزكوة. بعض اللبنانيين وأهل الجليل في فلسطين يلفظون القاف كاف فيقولون كمر بدل قمر وهذا لفظ آرامي موثق. وكلمة عالمين سريانية أيضاً وتعني الزمان أي أن الله رب العالمين هو الله رب الزمان وليس رب العالم
كثير من الكلمات المصرية أصلها قبطي وكلمات مغربية أصلها بربري وكلمات يمنية أصلها سبئي قديم. خذ كلمة تاريخ وهي من السبئية ترح وتعني القمر والشهر وكلمة زبور وهي السفر أي الكتاب لكن أهل اليمن يقلبون السين زاي

الإختلاط بالشعوب الأخرى
إليك هذه الكلمات الفارسية: الإستبرق، الزبرجد، برنامج، روزنامة، مهرجان، تاج، تخت، فيروز، باذنجان، سبانخ، نارنج، بلكي (أي يمكن)، خوش (أي جيد)، كار، خان، لوزينج، شادر (أي خيمة أو غطاء). ديوان، خانم، آغا، بيمارستان، تنبل (أي كسول)، بيرم أي عيد، بس (أي كفى)، عسكر، دفتر
إليك هذه الكلمات اليونانية: برج، جسر، فيلق، خريطة، قاموس، ناموس، مطران، إنجيل، كيمياء، فلسفة، فيزياء، جغرافيا، كورة، بربر، إقليم
إليك هذه الكلمات اللاتينية: صراط، ميل أميال، إمبرطور
إليك هذه الكلمات التركية: خواجة، بيك، باشا، أفندي، قاظان، حاووظ، شيش، كلمة مو في الشامية بعد كل سؤال، الطغرة (أو الطرّة)، شاويش أو جاويش، لاحقة جي في المهن مثل خضرجي، بلطجي، عونطجي، جمرك جمارك، سنجق أي علم،
إليك هذه الكلمة المغولية: دمغة
إليك هذه الكمات العربية التي استنبطها العثمانيون الأتراك: جمهورية، وطنية، قيد قيود، ضبط ضابطة ضابط، مدنية، ملة أي طائفة، قائممقام، قضاؤ أي إقليم، لواء كما في لواء اسكندرون
أصل الكثير من السوريين أكراد أو تركمان أو أرمن أو فرس أو شركس تعربوا وقبل ذلك كان هناك المستوطنون اليونانيون والرومان من كل مناطق الإمبراطورية وقبل ذلك كان الآراميون بكل لهجاتهم والفينقيون والآشوريون، وأصل كثير من العراقيين والعمانيين والإماراتيين والكويتيين هنود وفرس وأصل معظم المصريين أقباط وأصل كثير من التونسيين والجزائريين والمغاربة والليبيين برابرة من أشكال وقبائل مختلفة. وأصل كثير من الصوماليين خليط من العرب اليمنيين والأفارقة وأصل كثير من اليمنيين والسعوديين أفارقة من الصومال وإريترية وزنجبار. الأصل العربي القح كما يقولون أسطورة حتى البدو فيهم أعراق مختلفة وأصل كثير من بدو سوريا تركمان وهناك النور أيضاً
أما سوريا فقد كان فيها الكثير من العرب الرحل والمستوطنين قبل الفتح الإسلامي فلا أحد يعرف تنوع اللهجات الآرامية في سورية في ذلك الوقت وقد تكون لهجات القرى والمدن التي على أطراف الصحراء مثل دمشق وحمص وحلب قد اختلطت بالعربية قبل الفتح بقرنين أو ثلاثة

تقليد لغة النخبة
وهذا يكون في كل العصور وخاصة عند الاحتكاك الأولي فلا بد من لغة مشتركة للتبادل التجاري وتدبير العبيد والعمال وجمع الضرائب وهذه تكون لغة سوق بسيطة مثل كثير من التركيبات العامية في سوريا وغيرها ونرى هذا في المستعمرات البريطانية والفرنسية في البحر الكاريبي. فمثلاً نقول عم أكتب وهذا جمع بين فعلين عمل وكتب للدلالة على الإستمرار في الفعل. والمصريون يقولون عمّال أكتب وهذه صيغة أخرى لفعل عمل. مثال آخر هو صيغة المستقبل رح أكتب بدل سأكتب وهي جمع بين فعل حركة مثل راح وفعل عمل مثل كتب للدلالة على المستقبل. تراكيب أخرى مثل الجمع بين كلمة وضمير كما في كيفك وفينك و وينك وهي كيف+ك وفي+ك و أين +ك وهذه تراكيب سريعة وبسيطة وتدل على اتصال لكن على عدم معرفة باللغة الجديدة وهذا يسمى كريول ولا بد أن يكون في البرازيل العديد من هذه اللغات.

التعليم
وهذا واضح أكثر في الفرق بين لغة غير المتعلمين في سوريا مثلاً ولغة المتعلمين. مثلاً في حمص المتعلم يقول يا أختي أما غير المتعلم فيقول يا خيتو والأصل واحد لكن الأول أقرب إلى لغة التعليم. في حمص كل تاء مربوطة تصبح ياء مثل مدرسي بدل مدرسة إلا في كلمة مثقفة مثل جامعة وثورة. كل قاف تصبح همزة إلا في كلمات مثقفة مثل مثقف وثقافة، كل ثاء تصبح تاء مثل تور إلا في كلمة مثل ثورة. الحمصي غير المتعلم يقول متلت بدل مثلث أما المتعلم فيقول مسلس وهي أقرب إلى الثاء. مثال قديم: الناس تقول لا حول ولا قوة إلا بالله وتلفظها مشكلة وبالقاف وحتى فتحة النصب بعد لا النافية للجنس لا تزال هناك لكن عندما يستخدمون كل كلمة على حدة يلفظونها اللفظ العامي فتصبح حول حيل وقوة أوة والله ألّه وهذا من أثر التعليم الديني.

فاللهجة العامية هي كل هذه العوامل وهي ليست مختلفة عن غيرها من اللغات واللهجات فهذه العوامل بعضها أو كلها تعمل في كل اللغات. أما في العصر الحديث فإن التعليم ووسائل الإعلام لهما الدور الأساسي في تكوين اللغة. وأنا أتمسك باللغة العربية لأن الناس تسعى إلى التكتل والتوحد والعرب عندهم هذا العامل الهام ولا يستخدمونه لبناء وحدة إقتصادية ولا أقول سياسية لأنها مستحيلة وحتى غير مرغوبة. ثم اللهجات داخل الدولة الواحدة متعددة فالعربية بالنسبة لنا مثل الإنجليزية بالنسبة للهنود هي لغة التواصل بين لغات مختلفة ولهجات متعددة. لكن قواعد العربية قديمة وصارمة وغير واقعية ويمكننا تطويرها ليتمكن الناس من الكتابة بشكل جيد واستخدام العربية في الحالات الرسمية بشكل جيد. أما لغة الخطاب فلا ضير أن تكون اللهجة المحلية وأنا مع تعليم الناس كيف ينقلون كلمات من الفصحى إلى العامية وبالعكس ففي هذا إغناء لكلتيهما وتقارب وأرى أن على المدرسة أن تقدم دروس مخاطبة بالعامية وعلى الصحافة والكتاب أن يضعوا قواعد لكتابة العامية بحيث تكون بين اللفظ العامي والكتابة الفصحى. مثلاً يكتب الناس قلتلو أي قلت له والأفضل أن تكتب قلت له أو قلت لّو وأن تعطى للقارئ فرصة قراءتها بأية لهجة شاء وكذلك نقول عالطاحونة شفتك عالطاحونة وأنا أفضل أن نكتبها ع الطاحونة فيعرف القارئ أصلها وهي على مختصرة
وعلى فكرة أغلب الكلمات العامية موجودة في القواميس لكننا نتحمس كثيراً للفصحى فعند الشك نترك الكلمة العامية وكأنها الطاعون فعندك كلمة أريد والناس تقول بدي وردت وبغيت وكلها فصحى لكن لا يعرفون. هناك خجل من العامية وهو هذه النظرة القديمة المتعالية المحتقرة للعوام التي تكلمت عنها.

هناك 8 تعليقات:

  1. أسعدني أن حرضك سؤالي على كتابة هذين المقالين الجميلين، وفي انتظار المزيد.
    في رأيي، وضمن حدود معارفي، فإن ما تفعله هنا أمر لم يسبقك إليه أحد، فبرطع واعبث وقولب في معطيات هذا التاريخ ما شئت وشاء لك الهوى. قد آن لنا أن نعيد صياغته من جديد.

    ردحذف
  2. دلني "علي" على موقعك وكتاباتك..
    هذه الكتابات تزيدني أملاً بالالتقاء الفكري مع الكثيرين (آمل أن يكونوا كذلك) بعيداً عن أجواء التعتيم والتجهيل.
    بالتوفيق

    ردحذف
  3. شكرا استاذ نظير على هذه المدونة.

    لدي سؤال وهو موضوع الجذر الثلاثي للكلمات والافعال في اللغة العربية ، هل كل كلمة يجب أن يوجد لها أصل ثلاثي "فعل" حتى يمكن اعتبارها لغة عربية ، وهل هذا يقتصر على اللغة العربية أم ينطبق على اللغات السامية الأخرى ؟ وهل يمكن اعتبار وجود جذر ثلاثي معيارا للتفريق بين الكلمات العربية والكلمات غير العربية السامية (آرامية ، عبرية ) أو غير السامية (الفارسية)

    ولكم جزيل الشكر والتقدير.

    ردحذف
  4. أهلاً وسهلاً. الزيارة المقبلة عرّف بنفسك (إن أردت) حتى نعطيك الترحيب اللائق. سؤالك ممتاز. والجواب أعقد بقليل مما قد تظن. اللغة ليست حديقة ذات سياج يفصل بين الداخل والخارج. ثانياً على نعرّف اللغة بقواعدها أم نعرّفها بالناطقين بها؟ وفي كلتا الحالتين الحدود التي تفصل بين لغة وبنت عمها ليست واضحة تماماً. حاول مثلاً أن تفصل تماماً بين لهجة سورية مزعومة ولهجة لبنانية مزعومة عن طريق القواعد والناطقين باللهجتين. سترى عندها أن الفصل مستحيل إذ لا وجود للهجة سورية نموذجية ولا وجود كذلك للهجة لبنانية نموذجية. جغرافياً تتدرج اللهجات بين مكان وآخر. اللغة كيان حي وما نضعه في الكتب هو لغة ماتت حين وضعناها هناك. فما هي اللغة العربية إذن؟ لغة القرآن أم لغة الشعر الجاهلي أم لغة النهضة العربية أم لغة القرن الواحد والعشرين، هذا عن اللغات المكتوبة فما بالك باللغات المحكية. هل المحكيات عربية أم لا؟ كيف نقرر ذلك؟ أنا أفضل أن نعتمد على مجموعة من القواعد في تركيب الكلمات وفي تركيب الجمل ثم نبني شبكة من العلاقات المكانية والزمانية. هكذا تصبح اللهجات الآرامية مثلاً متشابكة مع اللهجات العربية فنحصل على آرامية مثل آرامية معلولا التي ليست سريانية ولا آرامية التوراة ولا عربية بل في موقع وسط بينها. أما بالنسبة للجذر الثلاثي، فهو مشترك بين كل اللغات السامية على الإطلاق وحتى الفرعونية القديمة تأثرت بهذا النظام. إذن الجذر الثلاثي ليس تشخيصاً تفريقياً كما يقول الأطباء. لكن اللغات السامية مليئة بالأسماء والصفات التي ليس لها جذر ثلاثي. في هذه الحالة نخترع الجذر الثلاثي كما ترى في لسان العرب وهذه وسيلة للتصنيف لا غير. لكن عندما نريد أن نخترع فعلاً من هكذا أسماء أو صفات، عندها نحتاج إلى اختراع الجذر الثلاثي لأن بنيات الكلمات في العربية واللغات السامية مبنية على الجذر الثلاثي. في مثل هذه الحالات تلاحظ أن الجذر له فعل على صيغة افتعل مثلاً دون أن يكون له فعل على صيغة فعل. وأنا أعتقد أن الجذور التي لها أفعال ثلاثية هي جذور سامية قديمة. انظر إلى لسان العرب وتتبع الجذور التي تمتد على صفحات (مثل كتب أو سلم) تجد أن معظم هذه الجذور مشتركة بين كثير من اللغات السامية. وهناك كثير من الكلمات التي نعتقد أنها عربية لكن لا جذر لها (أي لانعرف كيف تم اشتقاقها) وترى هذا في أسماء الأماكن والقبائل (السُلامان: شجر، وماء لبني شيبان). ثم هناك كلمات قد نتوهمها عربية لأن لها جذر وأفعال وأسماء لكنها ليست عربية (مثل جسر أي البنية التي تصل بين ضفتي نهر. الكلمة يونانية لكن جذر جسر موجود في العربية ويعني القوة والشجاعة) وهناك مثال أفضل (قرأ أي نطق بصوت عال ليست عربية بل آرامية لكن العربية أخذتها واستنبطت منها عشرات الكلمات). لكن هناك احتمال كبير أن تكون كلمة صادفتها غير سامية إذا لم تجد لها أصلاً ثلاثياً (مثل نموذج وهي كلمة فارسية مأخوذة من الفارسية القديمة وهي في الفارسية الحديثة نموده). أما أن كيف تفرق بين الكلمة العربية والعبرية مثلاً فهنا تحتاج إلى قاموس جيد إذ تتشابه اللغات السامية كثيراً

    ردحذف
  5. شكرا جزيلا استاذ نظير على الاستجابه ، وأود أن أعرف عن نفسي ب عبد الله أ. وهو اختصار لاسمي .
    وأعتذر عنه التعريف سابقا.

    مما أثار ذلك السؤال في خاطري هو أنني مرة كنت في أحد المحلات وكان إيرانيا وكان أمامه دفتر مكتوب عليه "فهرست دفتر فاتورة .." وتأملت هنا كم أخذنا من لغة جيراننا الفارسية كم أخذو منا بحيث يصعب أحيانا التمميز بين اللغتين ، لعل اللغة الفارسية هي من أكثر اللغات الغير سامية التي تبادلت الكثير مع اللغة العربية .

    أنا لدي اهتمام بالتاريخ المشرقي وبلغاته مع أنني لست من المختصين.

    كما أود هنا أن أحييك على تعريفك لما يسمى بتاريخ العربية أو الشرق الأوسط ب""تاريخ الإستعراب"

    ردحذف
  6. أهلاً وسهلاً أستاذ عبد الله شرّفت ساحتنا الإلكترونية. نعم أنت على حق الفارسية والعربية تبادلتا الكثير من المفردات. وكما ذكرت في قصة الدكان فإن كلمتي فهرست ودفتر فارسيتان أم فاتورة فهي فرنسية أو إيطالية facture والحق يقال أن اللغة العربية من العصر العباسي وبعده ليست فقط لغة الناطقين بالعربية بل هي لغة الكتابة والعلم والدين والادب في جميع أنحاء العالم الإسلامي وقد ساهم الفرس في وضع قواعدها وتركيب مفرداتها وتجميع قواميسها أكثر مما ساهم العرب الأوائل أنفسهم. هؤلاء "الفاتحون" كانوا مشغولين بالسياسة والحرب واستعملوا الفرس لتنظيم الدولة. وعندما أرى الآن الإحتقار الذي يكنه القوميون الفرس للعرب والعربية أهز رأسي أسفاً لأن أجدادهم صنعوا اللغة العربية. إنها لغة عالمية ولا أحد يملكها. لكن التشابه بين العربية والفارسية يقتصر على الأسماء والصفات لأن اللغتين تنتميان إلى أسرتين مختلفتين تماماً ولا يمكن التوفيق بين قواعدهما. لكن هذا لا يمنع الإختلاط والتلاقح. شكراً على مرورك وأتمنى أن يخترع أحدهم قهوة إلكترونية للزوار.

    ردحذف
  7. وأنا أتمسك باللغة العربية لأن الناس تسعى إلى التكتل والتوحد والعرب عندهم هذا العامل الهام ولا يستخدمونه لبناء وحدة إقتصادية ولا أقول سياسية لأنها مستحيلة وحتى غير مرغوبة. ثم اللهجات داخل الدولة الواحدة متعددة فالعربية بالنسبة لنا مثل الإنجليزية بالنسبة للهنود هي لغة التواصل بين لغات مختلفة ولهجات متعددة.

    هذه الخلاصة في نظري هي أهم ما في المقال الشيق و المفيد ، وإن كنت لا أرى كما ترى أن الوحدة السياسية كستحيلة أو غير مرغوبة ، بل أرى العكس هي هدف وممكن جدا ، خصوصا وأن شعوبنا هي تابع لحكامها وإعلامها ، تذكر ما حدث من وحدة بين بلدي مصر وبلدك سوريا ، وحدة صاغها الحكام ثم فضها الحكام لم يكن للشعوب بها رأي .. كذلك عملت في السعودية وتعرفت على الشقاق بين أطياف مجتمعها الذي يبدو من الخارج وكأنه مجتمع واحد ، ولكن من الداخل تجد استقطاب حاد بين قبيلة وأخرى وبين بدوي وحضري وبين "سيد وغير سيد" ومع ذلك جمعتهم وحدة سياسية حكومية ولم يستعصوا ولم يكن هناك ما يمنع اجتماعيا او شعبيا من ان تضم تلك المملكة باقي ممالك ودول الخليج كالكويت وقطر والبحرين والإمارات .. فقط كان المانع عسكريا وسياسيا وقت تشكيل تلك الدول .. أيضا أرجو ان تكون لاحظت كم التحريض و الاستقطاب بين الشعبين المصري و الجزائري العام الماضي بسبب مباراة للكرة ، لتعرف أن شعوبنا قطيع لحكامها .. لعلي اسهبت في موضوع خارج السياق ... تحية للعربية حتى لو ركيكة فهي ما يجمعنا على هذه الصفحات الممتعة . وأرجوا ألا تعطي العاميات أكثر مما تستحق فهي بالفعل كيان هلامي يفرق ولا يجمع حتى داخل المجتمع الواحد بين طبقة وطبقة وحرفة وحرفة ولكن تبقى الفصحى هي الملاذ الأخير للتواصل .. حتى لا نصبح كالهنود نتواصل بالإنجليزية او الفرنسية
    وشكرا
    أخوك احمد حسني

    ردحذف
  8. يا أخ أحمد ، للأسف الكلام عن "الوحدة" أصبح ترفا فكريا ... يجمعنا إيه ووحدة إيه ولغة إيه... ، الأول الشعوب تكون حرة في دولها وتمارس حقها الطبيعي بالحياة والعمل والتفكير والمعارضة والتأييد...الخ مش عبارة عن مزارع خاصة للحكام وبتتعامل مع الشعب مثل القطيع، بعد ذلك يمكن أن نفكر بالوحدة واللغة والسياسة وما إلى ذلك من أمور .مبروك لتونس وعقبال بقية الدول العربية.

    ردحذف